الخميس، 2 مارس 2017

في تشخيص الداء.. لماذا نرى "متسولين"؟

بقلم - السيد شبل :

يجب أن يكون مفهومًا أن أي دولة تنسحب فيها السلطة (السياسية المنتخبة) من الاشتباك بالعملية الاقتصادية، وتنصرف عن مهمة التخطيط والرقابة والإدارة، وتعتبر أن صفوة مهمتها هي الجلوس "تتشمّس" في (كسل وبلادة) تحت شعارات "نيوليبرالي" وأجندة "بنك دولي" يتم استغفال الناس بناءًا عليها، وتتراجع عن ألف باء (وطنية) وهو رعاية حق (الجماعة)، وتترك أصحاب المنشآت التجارية أو الخدمية أو التصنيعية (في نسختهم الدولية او المحلية..) لـ"ضميرهم"، لا بد أن تجني هذه الدولة "متسولين" يملؤون شوارعها وميادينها.

لا أحد يريد أن يلتفت إلى أن وجود رأسمالية لا تلتزم بالتأمين على عامليها، أو تحرير العقود معهم، وتتصرف بـ"حرية" تامة في تشغيلهم لـ12 ساعة وبأقل أجر ممكن، أو صرفهم، دون تفعيل لقوانين العمل، وفي ظل تراجع العمل والمفهوم النقابي، فحتمًا، ستجني أناسًا (غير آمنين على مستقبلهم، مهددين بالتسريح -والجوع والفقر- بكلمة يلفظها صاحب العمل)، ماذا لو أصيب الواحد بمرض؟ أو تقدّم به السن إلى حد لم يعد معه قادرًا على كسب قوته من العمل؟، ماذا أمام هذا الفرد سوى "التسوّل"؟، تيقّن، مع الوقت، وتحت الضغط.. تذوب معاني كـ"الكرامة"، خاصة لو كان ثمة طفل يتلوى جوعًا.

بين أولئك الذين تصدمك وجوههم في الشوارع والميادين المصرية، أناس من هذه العيّنة المذكورة.. تقول، أنهم يجنون كثيرًا من تسولهم، يجادل آخرون، بأن هذا، محض تصورات، وإن كان هذا حقيقي في حق البعض، فليس من الممكن، ولا من الجائز، ولا من العلمي.. تعميمه على المجموع (وأن فعلًا، مع تكاثر عدد المتسولين، وتراجع الدخول بشكل عام، فإن الحديث عن مبالغ كبيرة قد يحصّلها المستولون، صار محض خرافات).

لكن، بالنسبة لدولة تفكر في استنهاض نفسها أو تبحث عن أسباب فشلها، لا يمكن مناقشة قضية مثل "التسوّل" عبر التعرّض لمداخيل "المتسولين"، السردية الصحيحة هو تحليل (البيئة الاقتصادية) التي يمكن أن تنتج هؤلاء، ولو كان 50% منهم. لا بد من سد الذرائع، ووأد الفيروسات التي يمكن أن تتسب في المرض بتوفير (التطعيم)، بعدها، أو معها (لا يهم) يمكن أن تتناقش فيما تشاء، وتلوم فرد هنا، أو عشرة هناك، على "تكاسلهم" واستسهال تحصيل ثروة عبر التجارة بـ"عواطف" الناس، وابتزاز "مشاعرهم" (بالضبط كما يفعل الساسة باسم الدين او الوطينة أو الثورة: أقبح المستولين، بالمناسبة).

القضية لا يمكن أن تترك للتكافل الاجتماعي العفوي، من يتبرع اليوم (مشكورًا)، لن يتبرع غدًا (تحت ضغط العازة أو الهوى أو الرغبة في الاكتناز والادخار..)، وليس ثمة قائمة للمواطنين (ليغطيها التبرع)، أو آلية تضمن بها لكل عامل اليوم، قد يمرض مستقبلا أو يبلغ سن متقدم (خاصة لو لم يكن من السائلين)، ما يؤمّن به نفسه، سوى أن تشتبك الدولة في إدارة الاقتصاد، وتضع خطة، تستطيع عبرها توفير الوظائف، وتحويل السكان من عبء إلى مورد بشري يمكن استثماره في التنمية، ولن يتم ذلك -عقلا، وبالمنطق- سوى بتوسيع القطاع العام، ليقود خطة التنمية، مع رقابة والتحكم في النشاط الخاص، وتوجيهه لما فيه المصلحة العامة (لا يمكن في دولة تعاني شح من النقد الأجنبي، مثلا، ترك المجال، لاستيراد سلع استهلاكية أجنبية، ترفع الطلب على الدولار، وبالتالي تخفض قيمة العملة الوطنية)، مع سياسات تراقب مسائل كالعقود، والتأمينات، وضمان الالتزام بقوانين العمل (8 ساعات، أجازات مدفوعة، الإضافيّات.. وإلخ).

أوروبا، التي تخطفك أضواءها، تقوم فيها الدولة بدور واضح في رعاية العاطلين، وإدارة الاقتصاد، وللملكية العامة هناك حضور (في مؤسسات تجارية، وشركات ضخمة)، وهناك تأميمات تجري لمؤسسات كبرى، لخدمة الصالح العام، كما تم مع شركة رينو للسيارات بعد إدانة صاحبها بالتعامل مع المحتل الألماني بالحرب الأوروبية الثانية، صارت (المؤسسة القومية لمعامل رينو)، وتم تعيين مهندس من "الثوار الذين أزاحوا المحتل الألماني" رئيسا لها.
(السعودية، بالمناسبة، قامت بتأميم أرامكو في الثمانينات.. لا أحد يذكر هذا؟، وحتى مع التشكيك في جدية التأميم والمجادلة في حقيقة انسحاب أمريكا من الشركة، تبقى أرامكو سببًا في رفع إيرادات الدول السعودية، وبالتالي -حتى بعد خصم ما تبتلعه حسابات الأمراء، وفساد البيروقراطية- سببا في رخاء البلاد. ولا أحد يذكر أنه لولا جهد الوزير العروبي صاحب النزعة الاشتراكية، عبد الله الطريقي، الذي طالب، في الستينات، بنصيب عادل لبلاده "السعودية" من النفط المستخرج من أرضها، وقال مقالته الشهيرة: نحن أبناء الهنود الحمر الذين باعوا مانهاتن، ونريد تغيير الصفقة، لما كانت السعودية تنعم بما تنعم به اليوم.. يصح هنا التذكير بأن ثمة اتجاه، آخذ في التطبيق، لخصخصة أرامكو وغيرها، تكيفا مع نهج ولي ولي العهد ومشروعه 2030، استرضاءا وتبعة لمؤسسات المال الغربية، والعملية من هندسة وإخرج شركة ماكينزي للاستشارات).

العمال، لمن لا يعرف، يقلبون العواصم الغربية الأوروبية في حال سعت الحكومة للتنقيص من حقوقهم (أقربها مظاهرات 2016، لم تسمع عنها؟).

لكن هناك، ما يجب لفت الأنظار إليه، بخصوص (العالم الغربي، والسائرين ضمنه كاليايان) وهو أن الشركات التي تستبيح اقتصاديات دول العالم الثالث (التوكيلات الغربية الكبرى التي تتخبط في أسمائها أثناء أي جولة بشوارع القاهرة أو خارجها، بل عند الذهاب لأقرب محل بقالة) هي بالنهاية، تنزح الربح من هذه الدول، وتحوّله أين؟، إلى مصارف بلادها الأصلية، هذا يعني فائض اقتصادي دائم في هذه البلدان، وفرص أكبر للتوظيف والاستثمار في هذه البلدان، يعني من الممكن أن تسند هذه (الاحتكاريات الكبرى) حال المواطن في هذه البلاد، مما يسمح أو "يمنطق" الحديث عن انسحاب "نسبي" للدولة هناك (هذا مع تأكيدنا على عدم إنسانية ما تفعله هذه الشركات بحق العالم كله، ومع التأكيد أن هذا سيُبقي على فوارق طبقية هائلة بهذه البلدان، كما أن النزوع نحو العدل الاجتماعي بحكم، أن مالك الثروة، هو بطبيعته، يعبد الربح، لن يتحقق) لكن على كلٍ، يبقى هناك "منطقة" للحديث عن انسحاب الدولة (ورغم هذا هي لا تنسحب، وتمارس دورها في فرض الضرائب، ومجننة التعليم وضمان الرعاية الصحية/ اقتصاد أوروبا حتى أواخر السبعينات كان بقبضة الدولة، يقوده القطاع العام).

الصين -كمثال اقتصادي يتقوى يوميًا، ومن خارج هذه المنظومة، على الأقل سياسيًا- حتى اليوم الشركات الكبرى فيها ضمن الملكية العامة، وهي التي تقود اقتصادها.

نعني مما سبق، أن الدول التي لا يوجد فيها رأسمالية وطنية حقيقية، ولا يمكن -إن وجدت- منافسة الاحتكاريات الغربية، تبقى الحاجة إلى التخطيط الاقتصادي ضرورة مضاعفة، لا غنى عنها، ولا يمكن "منطقة" من أي وجه "تبرير" انسحاب السلطة لضمان الحد الأدنى من المعيشة الكريمة، وتجنب وجود مناخ سيء يشرعن وجود المتسولين.

(بالمناسبة، لماذا تحوز السلطة الرواتب، ويتم انتخابها، أصلا، ما دامت ستنسحب؟. تخيل!، "الجماعة" الوطنية تنتخب السلطة، وتنفق عليها، ثم في المحصلة، تنسحب من مهمتها تجاهها، وتتكاسل وتتبلّد، ويبقى دورها محصورا في خدمة "أقلية" من أصحاب الثروة (غالبا وافدين من الخارج)، تؤسس لحساب "الأقلية" بنية تحتية، من تعبيد الطرق إلى إنشاء مطارات وموانيء..، تسهل بها استثماراتها "الاستهلاكية، وقليلة المردود العام"، وتخفّض عنها الضرائب، وتسخّر لها الموارد، وتخصص لها الأرض بالمجان، بل، والأخطر، أنها تنال سهام الغضب الشعبي نيابة عنها؟ "مأساة مركبة").

نعود لنقول، السيدة التي لم تنل قسطًا مناسبًا من التعليم، وجلست في الشارع تبيع المناديل الورقية والسكاكر، لا يمكنك لومها. هي تمارس عملًا، لمن لا يبصر: تجلس في الشارع، و"تمتهن كرامتها"، ليوم كامل، و(نيتها الأصلية) تحصيل ما يسد رمقها، في عمل "شبه ثابت" تذهب إليه صباحًا، تبيع أو يعطف عليها الناس؛ المهم، أن البديل بالنسبة لها هي وظيفة (صعب الحصول عليها) تنال منها ما بالكاد يكفيها، بعد استنزافها تمامًا، لكن الأخطر أن هذا الذي لا يكفي غير مضمون أن يستمر.. بينما في الشارع هناك (ثباتًا أكثر)، هنا بالضبط أصل الحكاية. وعليه، لا يمكنك لومها -بأي شكل-، أو الوصاية على مكاسبها (هذا مع افتراض صحة "المكاسب الضخمة")، إلا مع ضمان عمل (لائق، وكريم، وكافي.. وقبل هذا مؤمّن).

الحديث عن الخدمة بالمنازل، بالصورة البدائية الموجودة لدينا، ليس أكثر من عبودية مستترة (لا ضمان فيها لكرامة، أو أمان، أو دخل كريم بناء على عمل -وليس منّة وتفضّل-)، ولا يليق بوطن يطمح في التقدم، للحديث عنها وتقديمها كـ"حل" بـ"صورتها الحالية"، وقذفها كحجر في وجه كل من يتناول ندرة الوظائف. لو اتفقنا أن صاحب الشيء أولى بفعله وخدمة نفسه، تصبح أعمال الخدمة المنزلية، "مشروعة" فقط لمن يحتاجها (لعدم القدرة البدنية، أو الانشغال..)، وليس سبيل للترف والتباهي وإذلال الناس، لكن حتى مع شرعنتها، لا بد أن تأتي في سياق "وظيفي" (براتب محدد وكافي، وتأمين، وساعات عمل، وقوانين، وأدوات عمل حديثة..)، كيف؟، بأن تأتي عبر مؤسسة خدمية كبرى توظّف عمال للمنازل بعد تدريب، وتأهيل (العالم كله يتجه لهذا، سوى في البلاد المحبوس تطورها والمتخلفة عن الركب الحضاري)، وتوفر هذه المؤسسات (ضمن الضوابط السابقة) لمن يحتاج ويملك الحق في الاحتياج، "موظفين" لأداء خدمة بعينها (تنظيف، أو إعداد طعام، أو رعاية مريض)، عند وجود هذا النوع من المؤسسات وشيوعها ووفرة وظائفها المعروضة! (يمكنك أن تجادل السيدة التي تجلس في الشارع).

عندما تسمع بأن 50 مليون بالولايات المتحدة فقراء أو بلا رعاية أو تأمين صحي ويموتون على أبواب المستشفيات، وأن مشردين جدد ينضمون فيها بالشارع كل عام (لعدم وجود وظيفة)، فيجب أن تسمع هذا كـ"نقيصة" و"جريمة" في نظامها الاقتصادي، لا معيارًا للقياس عليه، و"سُبّة" في جبينها عليك أن تتجنب أن تلتصق بك مثلها.

هذا مع الأخذ في الاعتبار، أن فقط ما ينجيك -هذه اللحظة- من صورة قاتمة كاملة السواد، هو بقايا نظام الرعايا الاجتماعية الموروث من (الطفرة الاشتراكية) بحسب ما سمّاها جمال حمدان، والتي مرّت على مصر بالخمسينات والستينات، لكنها لم تكتمل، سواء لضيق المساحة الزمنية للتطبيق، والمؤامرات التي تعرضت لها، أو الظروف العامة المكبّلة -دخليا، وخارجيًا، ومنهجيًا حتى-، ثم تعرضت لردّة قاسية على المشروع ككل بداية من السبعنيات، أخذت مراحل، ثم وصلت إلى أفدحها (ومن يدري ما القادم؟) اليوم، وعندما تصل إلى أفدحها، فلا يمكنك أن تظل حبيس دائرة مقارنة السيء عندك بالسيء في "الولايات المتحدة"، لأنها حتمًا (أمر مفروغ منه) ستنتصر عليك إجمالًا، بسبب قوتها وقدرتها على نهب الغير، وصب الخير لديها، وتقدمها على مقياس الحداثة والعصرنة (أنت خارج دائرة العصر تقريبا!)، بما يسمح بمعيشة أفضل (إجمالية)، ولا بد.

هذا يعني أن مواصلة السير في طريق تعرض فيه نواقص دولة تستعظمها كـ"الولايات المتحدة" كمحاولة لستر فشلك، سيضاعف الفشل، بل سيضعك، بالتدريج، خارج دائرة المنطق والعقل نفسه. أنت، ببساطة، لست ندًا (إجماليًا) لها، ولا تملك المؤهلات المادية، اليوم، لذلك، لست (توسعيًا، ناهبًا، حديثًا، معصرنا، علميًا، رأسماليًا، وتملك احتكاريات تغزو وتنهب العالم مثلها، وتصب الخير لديك) مثلها، وبالتالي لن تصير النسبة هي 50 مليون من أصل 319 مليون في فقر أو بلا رعاية، سيصير الـ 90 مليون (كلهم)، إلا 1 أو 2 %، في فقر وبلا رعاية.. وعليه فالحل، هو أن تعكس "آية" أمريكا، كلها، حتى تستطيع أن تنجو من هذا المصير، تعكس "آية" مسلكها الاقتصادي بالتحرر من براثنها، بالشكل الذي يضمن، أولا، أن تكون من الناجين من نهبها ومن التبعية لها والمضغ بأضراسها، ثم تطور اقتصاد مقاوم وجمعي وتشاركي، ثم تخطو نحو تحديث وعصرنة، ضمن هذه السردية يمكنك أن تزايد عليها، أو تتهكم على نسبة الفقر فيها (كما تفعل وفعلت، أي دولة مقاومة من أمريكا الجنوبية وحتى آسيا)، أمّا أن تكون في طور "التبعية" وتستر فشلك، بنقيصة لدى "متبوعك" فهذا قمة اللا عقلانية، بصراحة.

في الختام
هل هذا المسار (الاقتصادي/الاجتماعي) سيقضي على التسول، وسيصنع بلدًا نظيفا حضاريا تستطيع أن تتجول في شوارعه مرتاحًا ،وترى وجوها من حولك راضية لا يكسوها الهم والغبار (لاحظ أن نضالنا باسم الحياة وتحسينها، وليس باسم الموت وإشاعته)؟، الإجابة: سيقضي على كثير من المظاهر السلبية، لكنه لن يشطبها -بطبيعة الحال-، لبقاء (كسالى، وطامعين)، لكن حينها، سيكون لديك القدرة لإقامة الحُجّة على هؤلاء، وحصارهم، والحد من وجودهم مع الوقت؛ أما استمرارك على هذا النهج فلا يعني سوى تكثيرهم (حتى لو بقيت تصرخ من هذه الظاهرة، وتلاحقها أمنيًا)؛ لكن هنا يجب لفت النظر، إلى أنه قد تسلك السلطة هذا المسلك (التخطيط الاقتصادي)، ومع ذلك تبقى الظاهرة موجودة؟، صحيح، لكن يقينا ستكون أقل، وأسبابها ستتراجع، لكن، هنا يكون الخطأ، في أن "جرعة العلاج" لم تكن كافية، وليس في أن "العلاج" ذاته خطأ، يعني مزيد من حقن المريض بالدواء، ومزيد من تحمّل المسؤولية، ومزيد من حسن الإدارة، والتخطيط، ومزيد من إشراك المجتمع في تحمل مسؤوليته وفي التعاطي مع قضاياه والشراكة في حلها والتطوع في سبيلها، بل والخفض دومًا -حتى محو، إن امكن- النزعة السلطوية والبيرقراطية الحكومية (دور مجتمع مدني وتكافلي حقيقي، وليس ادعائي أو نخبوي أو تمييزي أو اغترابي).. لأن ما يحدث عادة في منطقنا المقلوب، هو أن عدم قدرة تجربة على تحقيق كامل أهدافها، يعني بالضرورة شطب العلاج (ثم ترك المريض، يموت في صمت)..

السبت، 19 مارس 2016

هل أتاك نبأ إسلام التتار؟

. بقلم:  السيد شبل
كانت عين جالوت في 1260م، معركة فاصلة، قادها المماليك (قطز، ثم بيبرس) الذين دان لهم حكم مصر والشام، بعد الدولة الأيوبية، قد وضعت حدًا لتقدم الإجرام المغولي غربًا، وحفظت مصر والشام من أن ينالهم الطوفان (اللاحضاري) المغولي!.

والمغول هم:
تحالف بين قبائل منغوليا وأتراك وسط آسيا في القرن الثالث عشر، تحت مظلة حكم جنكيز خان.

ولكن هل تنتهي القصة هنا؟


الحقيقة أن هناك فصلين، في هذه القصة على قدر عال من الأهمية، قد تم التعمية عليهما، واحد لقصور في تناول الروايات التاريخية بشكل كامل، والثاني لأغرض سياسية بحتة، لا نزال نعاني من أمثالها اليوم..

الفصل الأول، دور ابن عم هولاكو (حفيد جنكيز خان)، في دعم المماليك:

1
- كان زعيم القبيلة الذهبية، يدعى (بركة خان)، وورث الزعامة عن والده ثم أخيه، وهو قائد تتري ذا ثقل، وكان له إسهامات في تطوير مدينة "سراي – سراتوف الروسية حاليًا"، شمال المنطقة ما بين بحري القزوين والأسود، وتقع بالضبط على نهر الفولجا، وهي المدينة التي أسسها شقيقه باتو خان الذي قاد (الغزو المغولي لروسيا بدأ 1237 م، واستمر لعقدين).

2
- القبيلة الذهبية التي تزعمها بركة خان، هي أولى قبائل التتار إسلامًا، وتسبب إسلامها في حدوث شقاقات مبكرة داخل المعسكر المغولي.

3
- بركة خان هو ابن عم هولاكو.. الذي قاد القبائل المغولية في اتجاه اكتساح الأراضي العربية والإسلامية بداية من العراق وحتى وصل إلى إيران.. المهم أن بركة كان من أشد المعارضين لتوسعات ابن عمه، وليس معروفًا هل كان دافعه، هو الغيرة التي تكون عادة بين فروع الأسرة الحاكمة الواحدة، بسبب اقتسام الغنائم والأراضي والتفضيلات في العطاءات؛ أم، رفضًا لتدمير بلاد تنتمي لذات الدين الذي انتقل إليه هو وأسرته (أم الاثنين معًا).

4- لم يقف بركة خان عند حد رفض توسعات هولاكو، بل راسل بيبرس أكثر من مرة، وحالفه ضد "هولاكو"، وكان عاملًا هامًا في تدعيم النصر المملوكي على هولاكو، سواء في الشام أو حتى في الأناضول، والتي كانت تعاني جراء الانقسامات والحروب البينية بين السلاجقة (أجداد الأتراك الحاليين)، الذين وصلوا إليها من وسط آسيا في الثلث الأخير من القرن الثاني عشر ميلادي، والذين كانوا بانشقاقاتهم وتصارعهم سببًا، في وقت سابق، من الأسباب التي مهدت لانتصار الحملة "الصليبية" الأولى.


5
- بالتزامن مع عين جالوت وما بعدها، وقعت حروب شديدة وواسعة بين جيش وأنصار بركة خان من جهة، وجيش وأنصار هولاكو من جهة اخرى، أغلبها في منطقة القوقاز (ليس هذا مجال التفصيل فيها).

المهم، أن بركة خان، وإسلامه، وتحالفه مع المماليك، كان أحد أهم العوامل التي مكنت الجيش العربي (الشامي والمصري) بقيادة الممالبك، من الانتصار على هولاكو.. وإلى هنا ينتهي الفصل الأول، الذي يغفله كثيرون (بسبب قصور في التناول التاريخي)، عند ذكر معركة عين جالوت وما أحاط بها من ظروف.

الفصل الثاني، إسلام دولة الإلخانات التي حكمت إيران والعراق:

1
- بسط المغول (هولاكو) نفوذهم على رقعة واسعة تشمل (إيران، والعراق، والأناضول)؛ وحكمتهم سلالة مغولية: الإليخانيون.

2
- في أواخر القرن الثالث عشر، أي بعد أقل من 40 سنة من عين جالوت 1260 م، وسقوط بغداد عام 1258 م، اعتنق محمود غازان (السلطان المغولي) الإسلام وجعله دين الدولة الرسمي، ثم أعلن أخوه في وقت مبكر من مطلع القرن الرابع عشر، أن مذهب الدولة هو المذهب الشيعي.

3- كان هذان الحاكمان شديدا التأثير في محيطهما، وأسهما في ازدهار سياسي، وربما، ثقافي وعلمي، في المناطق التي كانت تحت سلطتهم، خاصة في العاصمة تبريز ، حيث قام غازان بتشييد أبنية فخمة منها (مسجد كبير، ومدرسة، ودار للكتب، ودار لحفظ الدفاتر والقوانين التي استنها، ومرصد فلكي، ومستشفى، وخانقاه للمتصوفة). .


4- كانت مصر والشام في وحدة واحدة تحت سلطة المماليك، كما كانتا قبلهم، المهم أن المماليك أدوا دورهم في التصدي لأطماع هولاكو، ثم في تطهير الشام من الصليبيين، الذين بقيت عدد من إماراتهم، على حالها، طوال العهد الأيوبي..

- فنجح بيبرس في إسقاط إمارة انطاكية، واستردادها من الفرنجة "الصليبيين" عام  1268م، وهي أول إمارة كونوها في الشرق زمن الحملة الصليبية الأولى.

- ثم نجح المنصور قلاوون (مؤسس الأسرة) في إسقاط إمارة طرابلس عام 1289م.

- ثم نجح ابنه الأشرف خليل قلاوون، في حصار عكا (أهم معاقل الفرنجة)، واسترداها في 1291م.

(وكان للفرنجة قوات على الساحل الفلسطيني في حيفا ويافا.. تم تطهيرها).

6
- حتى وفاة الأشرف خليل في عام  1294م، لم يكن (محمود غازان) قد وصل إلى السلطة، ولم يكن قد أسلم، ولا أسلم خلفه الآلاف، ولم يكن ببساطة قد صار المغول مسلمين!.

إذن فالأمور تبدلت الآن، فالكتلة الأكبر من المغول أعلنوا إسلامهم  على المذهب الشيعي، وزعيمهم الذي كان مسيحيًا صار مسلمًا، والبلاد تشهد حالة تسامح ديني، والناس تنتقل من دين إلى دين، والمساجد يتم تشييدها.

في هذا الوقت وصل إلى الحكم في مصر صبي من أسرة قلاوون، وهو الناصر بن قلاوون (عمره 14 سنة)، بعد العادل كتبغا، وهو سلطان مملوكي (تركي – مغولي) الأصل.

وبما أن المغول قد أعلنوا إسلامهم، فقد سقطت من أيدي المماليك (الذين كانت حروبهم مع الصليبيين قد تجمدت في هذا الوقت)، ورقة الحشد الديني، باعتبار أن الحرب لم تعد دفاعًا عن أرض "الإسلام" ضد غزو "الكافر المغولي".. لأن التتار باختصار قد أسلموا.


هنا تبرز، واحدة من أهم المواقف التاريخية، التي تم فيها التجارة بالخلاف المذهبي، ويظهر دور واحد من أشد فقهاء الإسلام تطرفًا ونصّية وغفلة عن المعاني الروحية وهو: ابن تيمية، والذي حكم عليه سائر فقهاء عصره بالسجن لأرائه المتطرفة.

7
- خرج ابتيمية من السجن، ليلعب دوره المطلوب بالضبط، في التضخيم من حجم الخلاف المذهبي، خدمة للسلطة، التي بدأت تواجه بخطر الإليخانات (المسلمين)، الذين بدأوا يدقون أبواب الشام، ويتمددون مرحلة بعد أخرى، وحاربوا المماليك في (معركة وادي الخزندار – 1299 م)، ثم وصلوا إلى دمشق، بل وامتدوا حتى غزة، ولو لفترة بسيطة.

8
- لم تكن جيوش إليخانات المغول (المسلمين)، رحيمة بالأرض التي دخلتها، وتورطت في جرائم أعمال سلب وقتل، كعادة الجيوش التوسعية، لكن التاريخ بالغ في تصوير تلك الجرائم، ليذوب ذلك الحاجز الذي قد ينشأ عند القاريء للتاريخ، بين مغول "هولاكو" والمغول "المسلمين".. خدمة لأغراض سياسية في المرتبة الأولى، ثم فقهية في مرتبة لاحقة.

9
- هنا، وهنا فقط.. يظهر لماذا، تم التعمية التامة على إسلام التتار؟

- لأن سلطة المماليك، كانت تريد أن تبقيهم "كفارًا" حتى يسهل الحشد في مواجهتهم، واستغلت "ابن تيمية" وفتاويه المتطرفة وتضخيمه للخلاف المذهبي، حتى تشرعن حربها.

وما غطى عليه "الناصر قلاوون وابن تيمية" وجد من يغطي عليه طوال التاريخ.


والحقيقة أنك لا تعرف بالضبط، هل وظفت السلطة ابن تيمية في معركتها، أم أن المناخ العام، ساعد ابن تيمية على الترويج لأفكاره التكفيرية، وباركت السلطة ذلك!.

10- الحقيقة، أن الناصر بن قلاوون لو كان ناضجًا بالقدر الكافي، لكان قادرًا على الاستفادة من إسلام (الإليخانات) والتقارب الإنساني معهم، والاتكاء على الدين كعامل توحيدي (وحدة تضامن)، وتشكيل حلفًا مقاومًا في مواجهة الفرنجة "الصليبين".. هذا إن كان ممكنًا؛ أما إن سبقوه (وهذا فعلًا ما جرى) باللجوء إلى الغزو، فقد كان يكفيه العامل القومي، ليواجه به أطماع المغول (مسلمين كانوا أو غير مسلمين) في أراضي غيرهم، وكان بإمكانه أن يحشد ضدهم باعتبارهم بغاة ومجرمين، يريدون توسيع ملكهم وأملاكهم، وإخضاع غيرهم من الشعوب إلى سلطانهم، ونهب خيراتهم، ومصادرة حقهم في إدارة مواردهم بالشكل الذي يناسبهم، ويحقق كفايتهم (وهذا طبعًا ما لا يرضاه الدين)، وكان يغنيه جدًا بعض ما قيل عن تعاون بين فلول "الصليبيين" ومحمود غازان (الحلف المغولي – الصليبي)، وكان يمكن للسلطة المملوكية أن تروج لقضيتها استنادًا إلى حجم الكوارث والاضطرابات التي تترتب على أيدي الجيوش الغازية، التي لها أطماع في ثروات البلاد المغزية.

لكن لأن (الحاكم وحاشيته)، لم يكونوا من طينة مختلفة عن طينة خصومهم، وكان الناصر قلاوون، فتاكًا وسفاحًا ومتسلطًا ضعيفًا في الآن ذاته، لجأ إلى الوصفة السهلة (غير الأخلاقية وغير الدينية)، وهي التجارة بورقة الدين، وغرس بذور الشقاق بين المسلمين، وتحريض البعض ضد البعض (حتى وصل الأمر لارتكاب مجازر ضد أهل الشام العرب في جبال لبنان سميت بالحملات الكسروانية استهدفت الشيعة والمسيحيين، وعممت الخطأ، وأخذت البريء بذنب المخطيء)، واستحضر هو أو اعوانه لهذه المهمة ذلك الفقيه الذي خرج من السجن، فوجد الظروف في صالحه، فأدى مهمته على أكمل ما يكون، ولا يزال أحفاده (فكريًا) يؤدون ذات الخدمة، لذات الصنف من السلاطين.

السبت، 16 فبراير 2013

التيار الشعبى بالمنوفية يطالب بمحاكمة وزير الداخلية ويؤكد : لابد أن تخرج الشرطة من اللعبة السياسية


طالب السيد شبل المتحدث الإعلامى باسم التيار الشعبى بالمنوفية، بمحاكمة وزير الداخلية محمد إبراهيم المسؤول عن إراقة دماء المصريين فى الشوارع، والذى ورط جهاز الشرطة من جديد فى عداوة مع الشعب، بتصديه العنيف للمتظاهرين.

وأكد " شبل " أن القوى الثورية بالمحافظة أعلنت دعمها ومساندتها لإنتفاضة أبناء الشرطة بالمنوفية والعديد من المحافظات ضد محاولات أخونة الوزارة، لافتا إلى أن المصريين لم يقوموا بثورة حتى يستبدلوا محمد إبراهيم الذى يقتلهم خدمة لـ"مرسى" بحبيب العادلى الذى كان يقمعهم خدمة لـ"مبارك".

وشدد شبل على ضرورة تقديم كافة الدعم والتسليح اللازم للضباط لمواجهة الجريمة، شرط أن يوجه السلاح إلى صدور المجرمين فقط، وأن يخرج ضباط وأفراد الأمن من اللعبة السياسية وأن يكون انحيازهم للوطن وليس للسلطة الحاكمة.


التيار الشعبى بالمنوفية يطالب بمحاكمة وزير الداخلية ويؤكد : لابد أن تخرج الشرطة من اللعبة السياسية

الأربعاء، 13 فبراير 2013

التيار الشعبى بالمنوفية يدين عبور المدمرتين الإسرائيليتين من قناة السويس


أدان السيد شبل المتحدث الإعلامى باسم التيار الشعبى بالمنوفية، سماح الجهات المسئولة بالدولة للمدمرتين الحربيتين الإسرائيليتين بالعبور من قناة السويس رافعين علم الكيان الصهيونى.
ولفت إلى أن عبور السفن الصهيونية يتم بشكل منتظم منذ توقيع اتفاقية العار «كامب ديفيد»، لكن بدون ان تجرأ إحداها على رفع العلم الصهيونى، وكان هناك أمل فى أن تسترد مصر كرامتها وسيادتها الكاملة على أراضيها بعد الثورة.
وأشار شبل إلى ان الإخوان منذ وصولهم للحكم وهم يعملون فى خدمة الصهاينة إرضاءا لأمريكا، حيث يأتى هذا الموقف متسقا مع باقى المواقف التى ترسم العلاقة بين الإخوان والكيان الصهيونى، بداية من التعهدات التى اطلقها قادة الإخوان بحفظ امن إسرائيل قبل وصولهم للحكم، مرورا بوصف مرسى للسفاح الصهيونى بيريز بصديقه الوفى، وليس انتهاءا بالتوصل لإتفاقية بين غزة اسرائيل تكبل أيادى المقاومة وتحمى أمن الكيان.


الفقير إلى عفو الله

السيد شبل

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

السفر المصرى الجديد لدى الصهاينه